المقالات

سيكولوجيا تهكم الأستاذ بطلابه أسبابها ونتائجها الكارثية

جدول المحتويات

حتى ينجح الأستاذ أو المعلم في إيصال ما يريد إيصاله إلى طلابه، فيجب عليه بناء علاقة سليمة معهم، وحبذا لو كانت هذه العلاقة مبنية على الود؛ فيأخذ فيها المعلم دور الأب أو الأخ الكبير، مع مراعاة دور الأب الصحيح الذي لا يتهكُّم بأبنائه ولا يسخر منهم ولا يعنِّفهم، وهذه العلاقة يمكن أن تنقل الأجيال الصاعدة إلى الخط الصحيح لبناء مستقبل واعد.

ما هو تعريف تهكُّم الأستاذ بطلابه؟

يعرف خبراء علم النفس تهكُّم الأستاذ بطلابه، على أنَّه فعل نابع من تسلط المعلم، ورغبته في إذلال طلابه والتشفي منهم، والتقليل من قيمتهم وكرامتهم أمام بقية زملائهم، ويُعَدُّ التهكُّم واحداً من الأساليب التي تتنافى مع المبادئ العملية التعليمية والتربوية، ومناقضة لشخصية المعلم التي يجب أن تتصف بالرزانة والحكمة.

ما هو السبب الرئيس الكامن وراء تهكُّم الأستاذ بطلابه؟

يقول خبراء علم النفس إنَّ السبب الرئيس الكامن وراء تهكُّم الأستاذ بطلابه، هو عدم قدرته على ضبط الصف ونقص كفاءته في إدارة علاقته مع طلابه وعلاقة الطلاب فيما بينهم؛ لذلك فهو يلجأ إلى طرائق التهكُّم والسخرية والتنمر من أجل زرع الخوف في نفوس طلابه كوسيلة للسيطرة عليهم.

كيف يمكن أن يكون تهكُّم الأستاذ بطلابه ناجماً عن نقص ثقة الأستاذ بنفسه؟

قد يكون تهكُّم الأستاذ بطلابه ناجماً عن وجود نقص ثقة المعلم بنفسه؛ لذا فهو يلجأ للتعويض عن هذا النقص من خلال الاستعلاء على طلابه، وإبراز نفسه على أنَّه شخص ذو قيمة عالية ومكانة مرموقة من خلال التقليل من قيمتهم وتحقيرهم.

ما هو دور بيئة المجتمع في مشكلة تهكُّم الأستاذ بطلابه؟

لاحظ خبراء علم النفس أنَّ بيئة المجتمع أو الجو العام يؤدي دوراً في شخصية المعلم التهكُّمية، فكلما كان المجتمع خاضعاً أكثر للتسلط والكبت والعنف والقهر، تكون شخصية المعلم تهكُّمية أكثر تجاه طلابه؛ وذلك لأنَّ الإنسان المقهور يلجأ إلى تفريغ طاقة القهر التي يتعرض لها على مَن هم أقل منه شأناً.

ما هو دور طفولة الأستاذ في طريقة تعامله مع طلابه؟

يشدد بعض خبراء علم النفس على أنَّ معظم المدرسين الذين يتنمرون على طلابهم، قد قضوا في الأساس طفولة غير سوية أدَّت في نهاية المطاف إلى تكوين شخصية مضطربة أو غير سوية لا تصلح لمهنة حساسة مثل مهنة التعليم، وما يزيد الطين بلة هو حالة التقديس التي تحيط المعلم في الكثير من المجتمعات، مع التغاضي عن جميع العيوب والنقائص التي قد تكون موجودة في شخصيته وكيانه النفسي والعاطفي.

هل تؤثر الظروف الاجتماعية والاقتصادية في طريقة تعامل الأستاذ مع طلابه؟

تؤدي الظروف الاجتماعية والاقتصادية دوراً سلبياً في تعامل المعلم مع طلابه، وخاصةً في ظروف الفقر والحاجة التي تسود بعض المجتمعات في الدول الفقيرة؛ وهذا يحتم على الأستاذ أن يعمل مهنة أخرى إلى جانب التعليم، لكي يؤمن متطلبات حياته وحياة أبنائه؛ وهذا يجعل التعليم ذا أولوية دنيا، مقارنة بحاجاته الأساسية.

ما هو تأثير ديمقراطية المجتمع في طريقة تعامل الأستاذ مع طلابه؟

يكثر تهكُّم القوي بالضعيف وتنمر الكبير على الصغير في المجتمعات التي تفتقر إلى أدنى شروط الديمقراطية وثقافة الحوار، وتصبح التصرفات التي تتبجح بالقوة والذكاء هي البديل عن لغة الحوار  وتقبل الرأي الآخر سواء كان من أشخاص أقل عمراً أم مكانة.

ما هو دور جهل الأستاذ بخصائص مرحلة الطفولة في طريقة تعامله مع طلابه؟

لا يمكن معاملة الطفل بذات الطريقة التي نعامل بها البالغ أو الإنسان الكبير؛ لأنَّ الطفل هو حالة خاصة جداً، وكل مرحلة من مراحل الطفولة والنمو لها ميزاتها الخاصة عن المراحل التي تليها، ولها في المقابل طريقة تعامُل خاصة بها أيضاً، وإنَّ عدم إلمام المعلم بهذه الأمور سيؤدي بشكل حتمي إلى تعامل خاطئ مع الطلاب وبناء علاقة غير سليمة بين الأستاذ وطلابه، وتتحمل مسؤولية هذا الخطأ المعاهد والجامعات التي تخرِّج هؤلاء المعلمين الذين لا يستحقون أن يكونوا في موقع بناة الأجيال.

ما هي أشهر قصة عن تهكُّم الأستاذ بطلابه؟

لعلَّ أشهر القصص الحقيقية التي تتحدث عن تهكُّم الأستاذ بطلابه، هو التنمر الذي تعرض له المذيع الأمريكي “ستيف هارفي” حين كان طالباً في المرحلة الابتدائية، وطلبت منهم معلمة الصف أن يكتبوا بضعة أسطر عن أحلامهم في المستقبل، والمهنة التي يتمنون أن يمتهنوها في حياتهم، وعندما قرأت المعلمة حلم “هارفي” في أن يكون مذيعاً مشهوراً، قهقهت بصوتٍ عالٍ وبدأت تهزأ منه؛ إذ كان “هارفي” يعاني من التلعثم في بعض الكلمات ومخارج الحروف.
فعاد “ستيف هارفي” إلى منزله وهو محبط، وقد روى لوالده ما حصل معه في المدرسة، فقام الأب بقراءة ما كتبه ولده في الورقة، ثم أعادها له وطلب منه أن يضعها في درجه، ويقوم بقراءتها كل يوم في الصباح قبل خروجه إلى المدرسة، ومرت الأيام والسنوات وأصبح “ستيف هارفي” أحد أشهر المذيعين في العالم.
من المضحك، قيام “ستيف هارفي” بإهداء معلمته تلك هدية واحدة في كل عيد، وهي تلفاز حديث؛ وذلك من أجل أن تشاهد برامجه التي أصبحت مشهورة جداً.

كيف يمكن أن يكون تهكُّم الأستاذ بطلابه أمراً مفيداً؟

يقوم الأستاذ الجامعي بتقريع أحد طلابه على تقصيره في المنهاج وعدم اهتمامه بالشرح، فيقول له: أنتَ أحمق وستظل هكذا طوال حياتك، ولو أصبحتَ أستاذاً وحصلتَ على شهادة الدكتوراه، فإنَّك ستبقى غبياً وأحمق.
فيبادره الطالب بالقول: كلامك صحيح يا أستاذ، فأنا أحمق بشكل يخرج عن المألوف، وقد وصلتُ في غبائي إلى أعلى المستويات، فماذا أفعل؟ ما بيدي حيلة.
وهنا يصمت الأستاذ وتبدو عليه ملامح الارتباك والحيرة، وهذا ما أسماه خبراء علم النفس بالتهكُّم والتواصل النقيضي؛ إذ إنَّ الأستاذ هنا قام بمضايقة الطالب عبر السخرية منه، وقد لجأ الأستاذ إلى طريقة التضخيم من أجل نقد سلوك معين، والسخرية هي وسيلة للتعبير عن عداوة مبطنة بطابع هزلي أو كوميدي بطريقة هجومية، ولكنَّها ناعمة.
نلاحظ أنَّ رد الطالب على أستاذه كان بطريقة إيجابية، على الرغم من الكلام الجارح والمهين بحقه، وطريقة هذا الأستاذ تهدف إلى تعديل سلوك عبر تضخيمه ومهاجمته، غير أنَّ هذه الطريقة لا يجوز استخدامها في المراحل التعليمية المبكرة؛ لأنَّها تضر كثيراً بشخصية الطالب حين يكون طفلاً، أما استخدامها مع طلاب المرحلة الجامعية قد يكون مفيداً في بعض الحالات.

ما هي الأساليب الصحيحة البديلة عن تهكُّم الأستاذ بطلابه؟

1. عدم التحدث عن عيوب الطالب أمام زملائه:

في حال أراد الأستاذ أن يتحدث عن سلوك سيئ قام به أحد الطلاب أو نوع من التقصير الدراسي، فيجب عليه أن يتكلم مع الطالب بسرية تامة وليس أمام زملائه؛ لأنَّ الحديث عن عيوب التلميذ أمام زملائه، قد تكون تقليلاً من قيمته، وقد يجعله محطَّ سخرية أصدقائه منه؛ وهذا يفاقم المشكلة ولا يحلها.

2. استخدام تكنيك التغذية الراجعة:

يجب على الأستاذ استخدام ما يسمى بتكنيك التغذية الراجعة؛ أي إنَّه يعود إلى التلميذ لكي يسأله عما فهمه من الملاحظات التي وجهها إليه، ويتأكد أنَّ ما أراد قوله قد وصل إلى قلب وعقل الطالب بطريقة سليمة، والتأكيد على أنَّ الهدف من النصيحة هو تجاوز الأخطاء وتداركها، وهذا ما يحافظ على العلاقة الودية بين الأستاذ والطالب.

3. الاهتمام بلغة الجسد خلال الحديث مع الطالب:

يجب على الأستاذ أن يولي اهتماماً لا بأس به بلغة الجسد في أثناء الحديث مع الطالب، وخاصةً عندما يشعر بأنَّ طالبه بدأ يأخذ وضعية دفاعية، أو بدأ يميل للانسحاب، وهذه إشارة يجب على الأستاذ أن يفهمها ويغيِّر على أساسها من لهجته ولغة جسده.

كيف يمكن للتهكُّم العلني بالطالب أن يدمِّر شخصيته المستقبلية؟

يوجد تصرف خاطئ يتم تكراره في الكثير من المدارس والمؤسسات التعليمية وخاصةً في الدول النامية أو ما يسمى بدول العالم الثالث، وهي كتابة اسم الطالب الذي تمت معاقبته على لوحة الإعلانات أو التشهير باسمه، فهذا التصرف خاطئ من الناحية التعليمية والتربوية، ويدفع الطالب إلى رد فعل مخالف وهو التباهي بهذه العقوبة بغرض الدفاع عن نفسه وحفظ ماء وجهه.
هذا ما قد يترك لدى الطالب سلوكاً سيئاً جداً وهو مخالفة الأنظمة والقوانين بشكل متكرر؛ إذ يوجد قانون في علم نفس الطفل يقول إنَّ الطفل يصبح ما نحن نصفه به وما نقوله عنه، فإذا وصفناه بأنَّ أداءه جميل ويجب عليه تدارك بعض الأخطاء الموجودة لديه، فإنَّ ذلك يساعده على أن يصبح إنساناً ناجحاً في حياته، وفي حال تم تصويره على أنَّه شخص فاشل والترويج لهذا الفشل، فهذا تشجيع له على الفشل؛ لذا يجب تجنُّب كتابة اسم الطالب في أي مكان عام.

شاهد أيضا

شركة البيت الأهلي للتمويل اعلنت وظائف في مدينة جدة

وزير التعليم السعودي يهنئ الطلاب والطالبات وكافة منسوبي التعليم والمجتمع ببداية العام الدراسي 1444هـ

3 طلبة مواطنين ينجحون في إنشاء محطات نفايات صديقة للبيئة

تابعنا على قناة مناهج عربية ع��ى التلغرام

👇 👇 👇
https://t.me/eduschool41

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى