المقالات

العلم الزائف أنواعه والفرق بينه وبين العلم الحقيقي

انتشرت في الآونة الأخيرة العديد من الدورات التي تدعو الناس لخوضها على أساس تعليمهم بعض المهارات الخاصة، كالبرمجة اللغوية العصبية التي تعمل كما تزعم على دراسة سلوك وشخصية الفرد والتحكم به عن طريق التعامل معه كما شخصيته، أو علم الأبراج الذي ينتشر يومياً في الصحف والجرائد وعلى شبكات التواصل الاجتماعي والتلفاز، وغيرها من الخرافات التي تدعي التنمية البشرية والسحر والتنجيم، كلها تندرج تحت ما يسمى بالعلم الزائف؛ لذا سنتعرف في هذا المقال إليه وإلى الفرق بينه وبين العلم الحقيقي، فتابعوا معنا.

العلم الزائف:

يُعرَّف مفهوم العلم الزائف (Pseudoscience) بأنَّه تعليم وتطبيق بعض الأساليب والقواعد التي تدعي أنَّها تستند إلى أسس معرفيةٍ وقوانين علميةٍ حقيقيةٍ، بينما لا تحمل في طياتها أيَّة أدلةٍ وإثباتاتٍ علميةٍ تثبت صحتها؛ إنَّما تستند إلى القيل والقال؛ فلان خرج يصرح بمعلوماتٍ خاطئةٍ وادعاءاتٍ وقال إنَّها حقائقٌ علميةٌ وقام آخرون بتبنيها وتصديقها.

لقد بدأت هذه الممارسات مع بداية العلم الحقيقي وتبيُّن الإنسان ماهية الحقيقة المثبتة بالتجارب والقواعد والعلوم الزائفة والممارسات الخاطئة التي تنم عن الجهل ولا تعطي أيّ��ة نتيجةٍ، والأمر العجيب أنَّه وعلى الرغم من التطور العظيم الذي شهدناه وما زلنا نشهده إلا أنَّ العلم الزائف ما زال يُمارَس ويُعتمَد من الكثيرين؛ بل ويتطور ويزداد تشعباً يوماً بعد يومٍ.

واستُخدِم مصطلح العلم الزائف (Pseudoscience) لأول مرةٍ من قِبل المؤرخ “جيمس أندرو” عام 1796م، حين قال عن الخيمياء إنَّها علمٌ زائفٌ، وبعدها شاع هذا المصطلح في ثمانينيات القرن التاسع عشر عندما بدأ العلماء باستخدامه للإشارة إلى أساليب وثقافاتٍ مغلوطةٍ تجذب الناس لممارستها على أنَّها علميةٌ، وهي لا تمتُّ للعلم والواقع بصلةٍ.

أنواع العلم الزائف:

هناك العديد من العلوم الزائفة والقناعات المتمسَّك بها من قِبل الكثير من الأشخاص، وسنتعرف فيما يأتي إلى بعض منها:

1. نظرية الأرض المسطحة:

على الرغم من تطور العلم ووصول الإنسان إلى الفضاء وقدرتنا على مشاهدة الكواكب على حقيقتها من مكاننا، إلا أنَّه ما زال هناك العديد من الأشخاص المشككين بكروية الأرض ومتبنين لفكرة الأرض المسطحة، ويناقشون ويواجهون العلماء ويتهمونهم بأنَّهم لا يملكون الأدلة الكافية.

2. التنجيم والأبراج الفلكية:

بدعة العصر والعصور السابقة، وهي الادعاء في القدرة على معرفة الغيب والمستقبل عن طريق حركة النجوم والكواكب في المدارات، وأنَّ لها تأثيرات عند حركتها في الشخصية والنفسية وفي الأرزاق والحظ وغيرها من الخرافات التي ليس لها صحة وأي أساسٍ علميٍ.

3. الهوميوباثي أو العلاج المثلي:

يندرج هذا النوع من العلوم الزائفة تحت خانة الطب البديل، ويدعي المعالجة بالمثل؛ إذ ينص على أنَّ شرب نسبةٍ قليلةٍ جداً من السم مثلاً يكون له دورٌ في الوقاية من حالات التسمم وعلاجها، أو أخذ دواءٍ معينٍ بكميةٍ قليلةٍ للوقاية والحماية من أمراضٍ محددةٍ؛ أي أنَّنا نشفى ذاتياً من خلال طاقة غير مرئية في جسم الإنسان.

لقد ظهرت هذه الممارسات على يد طبيبٍ ألماني يدعى “صامويل هانيمان” منذ ما يقارب 200عاماً؛ إذ ادعى أنَّ تناول مادةٍ سامةٍ بكمياتٍ قليلةٍ تسبب التعافي من المرض الذي سببته؛ فمثلاً من لديه حساسيةٌ من الفستق، يتناول مقادير صغيرةٍ جداً منه بشكلٍ دوريٍ حتى يصبح غير حساسٍ تجاهه، وهذه ممارساتٌ خاطئةٌ وزائفةٌ وتسبب العديد من المشكلات الصحية الخطيرة.

4. التداوي بالإبر الصينية:

هذه أيضاً تدخل ضمن ممارسات العلم الزائف، وليس لها أي أساسٍ علميٍ، ويقوم مبدؤها على وخز مناطق متفرقةٍ ومحددةٍ من الجسم بإبرٍ شديدة النعومة تحفز نقاط الطاقة “التشاكرا” الموجودة في الجسم، ويجزم العلماء والأطباء أنَّ هذا المعتقد ليس له أي أساسٍ من الصحة.

5. العلاج بالطاقة:

هو أحد العلوم الزائفة الذي يدعي أنَّ الإنسان مكونٌ من طاقةٍ وجسم، ويحتوي بداخله على تسعة مصادر للطاقة، ولكل مصدرٍ لون ووظيفة، وتسمى “التشاكرا”، وهي المتحكمة بحالة الشخص النفسية والصحية، ويقول خبراء هذا العلم الزائف إنَّ ردود الفعل النفسية كالحزن أو القلق أو الخوف كلها ناتجةٌ عن اختلال التوازن في أحد مصادر “التشاكرا”، والعجيب بالأمر أنَّ الناس يدفعون مبالغ طائلةً للحصول على جلسات العلاج بالطاقة، على الرغم من أنَّ ليس لها أيَّة نتيجةٍ تُذكر وكلها بدعٌ واحتيالٌ.

6. علم الخط الدلالي:

وهو علمٌ زائفٌ يُعتقد من خلاله أنَّ الخبير به يستطيع تحديد شخصية الكاتب وحالته النفسية من نمط وطريقة كتابة خط يده، وهذا الاعتقاد والادعاء خاطئٌ، وقد فشل العديد من المدعين بتنبؤ ومعرفة شخصيات الناس من طريقة كتابة أيديهم، والجدير بالذكر أنَّ علم الخط الدلالي يختلف كلياً عن التحليل الخطي في الطب الشرعي الذي يعمل على تحليل الحروف وطريقة الكتابة لمعرفة صاحبها.

وغيرها العديد من العلوم الزائفة التي تدعي أنَّها علومٌ ذات أسسٍ علميةٍ وهي غير ذلك ولا تمتلك أيَّة مصداقيةٍ تُذكر.

العلم الحقيقي وأنواعه:

العلم الحقيقي: هو مجموعةٌ من الممارسات والأساليب الممنهجة والقواعد والقوانين المثبتة بالتجارب، وذات بنيةٍ معرفيةٍ منظمةٍ وقابلةٍ للقياس والاختبار، ودراسة المعطيات وتحليلها ووضع الفرضيات والنظريات وإثباتها للوصول إلى المعرفة والتأكد من صحتها.

ويُقسم العلم الحقيقي إلى ثلاثة أنواعٍ وهي:

1. العلوم الطبيعية:

وهي العلوم التي تدرس الطبيعة والعالم المحيط بنا بكافة تفاصيله، وهي الفيزياء والأحياء والكيمياء.

2. العلوم الاجتماعية:

وهي العلوم التي تدرس البشر وحياتهم وعلاقاتهم الاجتماعية وتاريخهم وأعمالهم؛ كالتاريخ وعلم الاجتماع وعلم النفس والاقتصاد وغيرها.

3. العلوم الرسمية:

العلوم القادمة من التجارب والتي تتطور بتطور الزمن وتطور الأفكار ونجاح التجارب المتتالية؛ كالرياضيات، والاتصالات، والمعلوماتية، والهندسة بجميع أنواعها.

خصائص العلم الحقيقي:

فيما يأتي خصائص العلم الحقيقي:

قابلٌ للقياس والإثبات واختبار أخطائه وتصحيحها عن طريق التجربة والتعديل.
يملك أدلةً ماديةً تثبت وجوده، كما الأدلة الفيزيائية الكيميائية المختلفة حولنا.
يتمتع بالقابلية على تكرار تجاربه والتطوير فيها.
في العلم الحقيقي أيَّة فرضيةٍ لا يمكن إثباتها أو لم تُدعم بأي أسسٍ علميةٍ، يتم تجاهلها، كذلك أيَّة نظريةٍ علميةٍ لا تعتمد على التجربة فهي باطلةٌ.
الحقيقة الموضوعية الناتجة عن التجارب والأدلة والتقدم والأسس العلمية هي حقيقة العلم؛ لأنَّ في العلم الحقيقي الحقيقة المطلقة لا وجود لها.
يهتم بما هو موجودٌ وفي متناول اليد والنظر، ويبحث في الأشياء المادية الموجودة في الكون المحيط بنا، ولا يبدي اهتماماً بالخيال وافتراضات ما وراء الطبيعة.

الفرق بين العلم الزائف والعلم الحقيقي:

هناك العديد من الفروقات بين العلم الزائف والحقيقي، وفيما يأتي بعض من هذه الفروقات:

العلم الزائف قائمٌ على الألغاز ويُفترض أنَّه ليس لهذه الألغاز أي حلٍ، بينما العلم الحقيقي قائمٌ على إيجاد الحلول لجميع الألغاز بالتجربة والتفكير.
العلم الزائف يستشهد بالأساطير والخرافات والخيال، بينما العلم الحقيقي يستشهد بالتاريخ المصاحب للتجارب والقوانين والأفكار الموثقة والمثبتة.
العلم الزائف يتبع منهجاً غير موثوقٍ ونظاميٍ لعرض أدلته، وليس له الحجة المقنعة في إثبات صحته، بينما الأدلة والإثباتات الموثقة والنظامية هي حجر الأساس الذي يرافق العلم الحقيقي.
العلم الزائف يملك فرضياتٍ لا تقبل الجدل والدحض كأنَّها حقائقٌ مسلمةٌ وهذا خطأٌ؛ لأنَّ في العلم الحقيقي أية فرضيةٍ يجب محاولة إثباتها وإجراء التجارب عليها، وإن لم تُثبَت تُرفَض.
العلم الزائف يبني أسساً عميقةً على أساس تشبيهاتٍ زائفةٍ؛ كأن يكون رقم هاتفك مثل رقم هويتك عندها يقول لك العلم الزائف إنَّ هذا الأمر عظيمٌ وإنَّك تملك حظاً وغير ذلك؛ لكن ببعض التفكير نستنتج أنَّه لا صحة له وأنَّه بمحض الصدفة حدث هذا التشابه وغيره من التشابهات الأخرى، أما العلم الحقيقي فيربط التشابهات في المسائل العلمية على مقاييس عاليةٍ وقوانين يتم التحقق منها والربط بينها باستخدام التفكير والعقل والتجربة لا باستخدام الحدس فقط.
العلم الزائف غير قابلٍ للمراجعة والقياس والتحقق من صحته، بينما العلم الحقيقي دائماً ما يكون قابلاً للمراجعة والتصحيح المستمر والقياس والتجربة.
وغيرها من الفروقات الأخرى بين العلم الزائف والعلم الحقيقي.

عبارات عن العلم:
فيما يأتي بعض العبارات والحكم عن العلم:

العلم في الصغر كالنقش على الحجر.
العلم هو دواءٌ لسموم الخرافات.
حيثما تكون الجهالة نعيماً فمن الحماقة أن تكون حكيماً.
العلم هو الخير والجهل هو الشر.

 

 

شاهد أيضا

إصدار 14 ترخيصاً لبرامج البكالوريوس بنمط التعليم المدمج في السعودية

الشركة السعودية للإستثمار الزراعي تعلن وظائف إدارية وتقنية للرجال والنساء

تقويم التعليم: 4 خدمات لدعم الرحلة التعل��مية للطلاب والطالبات

تابعنا على قناة مناهج عربية ع��ى التلغرام

👇 👇 👇

https://t.me/eduschool41

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى