المقالات

ما هو العلم الزائف الذي حذر الرسول الكريم منه؟

ما هو العلم الزائف الذي حذر الرسول الكريم منه؟

يمكن لكثير من البشر التفريق بين العلم والجهل، فباختصار يمكن تعريفه العلم بأنه: “أسلوب منهجي يقوم ببناء وتنظيم المعرفة في شكل تفسيرات وتوقعات قابلة للاختبار حول الكون”. بينما يعرف الجهل بأنه عكس العلم وهو: “هو اعتقاد الشيء بخلاف ما هو عليه. والجهل وصف لا يمكن أن يطابق الواقع ويدرج المصطلح في الأمور الغامضة والمبهمة والتقدم بها بغير علم”.

ولكن ماذا لو وجدنا إنسانا يحمل معلومات عن مو��وع ما ولكنها مغلوطة أو خاطئة في نظر المتخصصين في هذا الموضوع، وأيضاً قد يكون يؤمن بهذه المعلومات المغلوطة، ولكي تتضح الصورة بشكل أفضل، جميعنا يعلم أن عبادة البقر شرك بالله عز وجل، بل عبادة البقر تخلف لا يختلف عليه العقلاء، ولكن الهندوسي يؤمن بعبادة البقر وأن البقرة إله ترزقه الغذاء وغيرها، والعجيب في الأمر أن علماء في الذرة والرياضيات وغيرها من العلوم الطبيعية يعبدون البقر!!

هنا وقفة تأمل، ونستنتج أن المعلومات المغلوطة ليست علماً بل هي جهلٌ مركب، وباختصار الجهل المركب هو العلم الزائف، ولكن ما هو الزيف أو الزائف؟

الزائف في اللغة هو المغشوش، إذاً (العلم الزائف هو العلم المغشوش).

ويكتسب الإنسان هذا العلم المغشوش من خلال تعلمه من مصادر مغشوشة للتعلم، مصادر التعلم للعلم الزائف شبيهة جداً بمصادر التعلم للعلم الحقيقي، وهذه هي الكارثة.

قديماً يصعب الحصول على العلم نوعاً ما بسبب قلة مصادر التعلم، أما في زمننا هذا يستطيع الإنسان اكتساب المعرفة التي يحتاجها من مصادر عديدة للتعلم، أولها التعليم المدرسي، وهو أساسي لإعداد الفرد للحياة، والتعليم المدرسي أساسي وإجباري في جميع الدول المتحضرة، وإذا رغب الإنسان بالاستزادة من العلم فهنالك مصادر ثانوية كثير للتعلم مثل: (الكتب، مجالس أهل العلم، المؤتمرات، حلقات النقاش، برامج الجوال، إذاعة سيارتك، اليوتيوب، القنوات الفضائية، الأصدقاء، وغيرها الكثير).

نلاحظ أن التعليم المدرسي تشرف عليه الحكومات ومتخصصين في التربية، وذلك لتحقيق أهداف عامة لكل دولة يجب أن تتوفر في كل مواطن حسب أهداف واضعي المناهج، وغالباً في جميع الدول تكون المناهج الدراسية علما حقيقيا ويخلو من الزيف أو التحريف، قد تكون مخرجات التعليم في دولة مختلفة عن دولة أخرى وقد تكون أفضل، ولكن في كلا الدولتين التعليم العام مناسب وحقيقي لمواطنيها.

بينما مصادر التعلم الثانوية هي الطريق للاستزادة من العلم والتعلم، وهي ما يميز المتعلمين والعلماء والمتخصصين في جميع المجالات العلمية، ويمكن تشبيه مصادر التعلم الثانوية بالسفينة التي تبحر في محيطات العلم، فمصادر التعلم الثانوية هي الوسيلة للإبحار في العلم، ولكنها أيضاً قد تكون الوسيلة لاكتساب وانتشار العلم الزائف!

ومن هنا نجد أن الجهل المركب أو العلم المغشوش أو العلم الزائف قد يكتسب من خلال المصادر الثانوية للتعلم، وقد ساعدت التقنية الحديثة في تطور وتنوع وانتشار مصادر التعلم الثانوية، وبسبب التقنية أصبح لا يمكن السيطرة على مصادر العلم الثانوية إلا من خلال الوعي الذاتي للإنسان بهذه المصادر وإمكانية تصنيفها لمصادر العلم الحقيقي فينهل منها العلم، أو مصادر العلم الزائف فيبتعد عنها.

العلم الزائف خطير جدا على الفرد والمجتمع وهو أخطر من الجهل، فالجهل يعالج بالتعلم، أما العلم الزائف فيحتاج إلى إقناع الإنسان أولاً بخطأ معلوماته ومعتقداته وهذا يحتاج إلى أدلة وبراهين لإقناعه بخطأ هذه المعلومات ثم إكسابه المعلومات الصحيحة، وهذا العلاج يحتاج إلى وقت حسب ا��تساب الإنسان لمعلومات العلم الزائف.

ولقد حذرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من مصادر العلم الزائف بأحاديث كثيرة ومنها:

قال حُذَيفَة بن اليمان رضِي الله عنه: (كانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عَنِ الخَيْرِ، وكُنْتُ أسْأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ، مَخَافَةَ أنْ يُدْرِكَنِي، فَقُلتُ: يا رَسولَ اللَّهِ، إنَّا كُنَّا في جَاهِلِيَّةٍ وشَرٍّ، فَجَاءَنَا اللَّهُ بهذا الخَيْرِ، فَهلْ بَعْدَ هذا الخَيْرِ مِن شَرٍّ؟ قالَ: نَعَمْ قُلتُ: وهلْ بَعْدَ ذلكَ الشَّرِّ مِن خَيْرٍ؟ قالَ: نَعَمْ، وفيهِ دَخَنٌ قُلتُ: وما دَخَنُهُ؟ قالَ: قَوْمٌ يَهْدُونَ بغيرِ هَدْي، تَعْرِفُ منهمْ وتُنْكِرُ قُلتُ: فَهلْ بَعْدَ ذلكَ الخَيْرِ مِن شَرٍّ؟ قالَ: نَعَمْ، دُعَاةٌ علَى أبْوَابِ جَهَنَّمَ، مَن أجَابَهُمْ إلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا قُلتُ: يا رَسولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا، قالَ: هُمْ مِن جِلْدَتِنَا، ويَتَكَلَّمُونَ بأَلْسِنَتِنَا قُلتُ: فَما تَأْمُرُنِي إنْ أدْرَكَنِي ذلكَ؟ قالَ: تَلْزَمُ جَمَاعَةَ المُسْلِمِينَ وإمَامَهُمْ قُلتُ: فإنْ لَمْ يَكُنْ لهمْ جَمَاعَةٌ ولَا إمَامٌ؟ قالَ: فَاعْتَزِلْ تِلكَ الفِرَقَ كُلَّهَا، ولو أنْ تَعَضَّ بأَصْلِ شَجَرَةٍ، حتَّى يُدْرِكَكَ المَوْتُ وأَنْتَ علَى ذلكَ.)

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ علَى الفِطْرَةِ، فأبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ، أوْ يُنَصِّرَانِهِ، أوْ يُمَجِّسَانِهِ، كَمَثَلِ البَهِيمَةِ تنتج البَهِيمَةَ هلْ تَرَى فِيهَا جَدْعَاءَ.)

وتحذير الرسول صلى الله عليه وسلم من مصادر العلم الزائف، يبين خطورة هذا العلم المغشوش على الإنسان فهو سبيل للتهلكة للفرد والمجتمع، والمصدر الأساسي للعلم الزائف هو الإنسان نفسه، فقد يحمل الإنسان العلم الزائف إما بجهل أو بقصد، فجميع دعاة العلم الزائف في هيئتهم ومظهرهم يشبهون دعاة العلم الحقيقي، ويظهر العلم الزائف في مرحلة محددة لنقل المعلومات وهي مرحلة تبسيط المعلومة، فالإنسان يحتاج إلى معلومة مبسطة في أي علم ليس من تخصصه، فالمهندس يحتاج إلى معلومة طبية مبسطة في استخدام الدواء أو انتشار المرض مثلاً، والطبيب يحتاج إلى معلومة مبسطة عن طريقة إقلاع الطائرة مثلاً، وقس على ذلك جميع العلوم والمعارف، فكثرة المعلومات تحتاج إلى متخصصين في كل مجال من مجالات العلوم، والكل يحتاج إلى معلومات مبسطة عن العلوم الأخرى.

وأخيراً ننوه بأن غالباً:

  • يتم انتشار العلم الزائف في تبسيط المعلومة.
  • يتم انتشار العلم الزائف عن طريق مصادر التعلم الثانو��ة.

 


المراجع:

الدرر السنية. (2021). الموسوعة الحديثية.

فضلا لا أمرا إدعمنا بمتابعة ✨🤩

👇 👇 👇

https://t.me/eduschool40

ما هو العلم الزائف الذي حذر الرسول الكريم منه؟ – مدونة المناهج السعودية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى